اللغة والادب مأساة الحياة تدور في ردهات الأحداث التي تضج بها رواية رحلة غاندي الصغير ينسجها إلياس خوري نسج العارف بدقائق الحياة وبالمعاناة التي تطل من أحداق هؤلاء المعذبين الدائرين في جنباتها... غاندي يمضي وفي عينيه وجوه: فوزية وسعاد وعبد الحكيم ودايفير... والكلب... ذاك الكلب الذي لم يتوقع موته... وبموته خط نهاية غاندي... طرد من العمل وتبعاً لذلك طرد من البيت الذي عجز عن دفع اجاره... ورصاصات ختمت حياته... هكذا انتهت الحكاية...
كان غاندي رجلاً عاش ومات، كما يعيش ملايين الرجال، على وجه الأرض التي تدور... ولد في مشتى حسن، هرب من والده الذي أخذه إلى مغارة جدّه في فرن المفتاح في طرابلس، هاجر إلى بيروت حيث اشتغل في مطعم أبو عيون... أحبّ الحياة وأحبّ طعمها، ودايفيز حوله إلى صاحب مطعم... والكلب مات وغاندي حزن على الكلب أكثر مما حزن على والده و... مات غاندي حين سقطت بيروت تحت الأحذية السوداء... لم يكن يعرف أنه مات شعر بالموت قبل أن يأتي، ثم حين مات لم يعرف... فطلقات الرصاص لم تؤلمه، والموت جاء خفيفاً مثل حلم قصير لا يمضي.
هزت رأسها ورددت جملتها "بعرف أنه راح وراح ببلاش". أذكر كلمات أليس وأحاول أن أتخيل ما حدث، فأكتشف ثقوباً في الحكاية. كل الحكايات بها ملآنة بالثقوب. لم نعد نعرف أن نروي الحكايات، لم نعد نعرف شيئاً. وحكاية غاندي الصغير انتهت. الرحلة انتهت والحياة انتهت.