الفلسفة ليست النصوص المجموعة بين دفتي هذا الكتاب إلا معالم على الطريق الطويل والصعب لتأسيس تاريخ منفتح وتطبيقي للفكر الإسلامي. أقصد أنه منفتح على كل تجليات هذا الفكر، وعلى كل منتجاته التي تتجاوز الحدود والحواجز التي فرضتها الأدبيات الهرطقية (= البدعوية) والتيولوجية . ومنفتح بنفس الدرجة على علوم الانسان والمجتمع ومناهجها وتساؤلاتها كما هي ممارسة عليه اليوم في الغرب منذ ثلاثين سنة. وهو أيضا تاريخ تطبيقي عملي في نفس حركة البحث ذاتها لأنه يهدف إلى تلبية حاجيات وآمال الفكر الإسلامي المعاصر وسد نواقصه منذ أن كان هذا الفكر قد اضطر لمواجهة الحداثة المادية والعقلية. لم يعتد مؤرخ الفكر على أن يجمع بين كل هذه الاهتمامات (الهموم) ويفتتح كل هذه المنظورات، ويتابع كل هذه المهمات في نفس الحركة الواحدة من الفكر والكتابة. إنني لا أدعي أني قد نجحت في هذه المهمة تماما. ذلك أن المشروع شديد التعقيد إلى حد أنه يتعذر إنجازه تماما منذ المحاولات الأولى. ولكني مع ذلك اعتقد أني قد أكثرت من ضرب الأمثلة، وأوضحت المواقع الاستراتيجية لتدخل المؤرخ المفكر في الحالة الراهنة للبحث والمجتمعات الإسلامية ذلك اني لا أفصل ابدا بين هذين المنظورين المذكورين. أقصد بذلك أني احرص على الالتزام بمبادئ المعرفة العلمية واحترام حقوقها مهما يكن الثمن الأيديولوجي والبسيكولوجي والاجتماعي الذي ينبغي دفعه للقيام بذلك