التاريخ والسياسة رغم خروج المستعمر من الدول التي احتلها إلا أن هذه البلاد التي كانت مستعمرة بصورة عامة، والعربية منها بصورة خاصة، لا تزال تعاني من رواسب الاستعمار وتعاني آلام التبشير. خرج الاستعمار الرسمي وبقي الاستعمار الفعلي المتبدي في التعليم والتطبيب والإذاعات والصحف والمجلات. إن المعركة مع الاستعمار لم ولن تنتهي ما دامت هناك حملات تبشرية على كافة المستويات. ولعل هذا الكتاب الذي مر زمن طويل على إصداره، لعله يكون دليلاً في يد الجيل الناشئ يتبع فيه جهود المبشرين وسعيهم إلى زعزعة عقيدة الناشئة الشرقية عامة والإسلامية خاصة، ثم تهيئة هذه الناشئة بأساليبهم المختلفة لقبول النفوذ الغربي بشتى أشكاله الاستعمارية اللامباشرة والتي كانت في حين إصدار هذا الكتاب متمثلة بالمدارس الأجنبية والمؤسسات الأجنبية، وحتى الجمعيات الخيرية والعلمية التي أنشأها الأجانب، في بلادنا، على اختلاف الأسماء والنزعات، والأديان والدول، ليعرف هذا الجيل أن هذه المنشآت إنما هي في الحقيقة كانت وما زالت سبلاً تتشعب عند الانطلاق ولكنها تلتقي عند غاية قصوى واحد: السيطرة على الشرق، السيطرة الثقافية والدينية والسياسية، ولقد تبين لأصحاب هذه المؤسسات إن المسلمين خاصة أصلب الناس عوداً في تقبل هذا النفوذ الأجنبي فراحوا يوجهون جهودهم إلى المسلمين خاصة، مع الاهتمام بغير المسلمين من الشرقيين، على ما يبدو جلياً في ثنايا هذا الكتاب. وقد كان حرص المؤلفين شديداً على إثبات هذه التهم الكبرى بشواهد كتب المبشرين أنفسهم تلميحاً أو تصريحاً، مع الميل غالباً في الاستشهاد التصريح على التلميح. على أن المؤلفين تناول الكلام على الأمة الإسلامية، وسيخصان بالكلام بلاد العربية من مراكش غرباً إلى العراق شرقاً، ومن أعالي الشام شمالاً إلى اليمن جنوباً