علم اجدتماع يعلن الأطفال منذ ولادتهم عن إحباطاتهم وأفراحهم - ليس بواسطة الكلام بالطبع وإنما بواسطة مخزون ضخم ومدهش من لغة الجسد.فماذا تقصد ابنة الشهر الواحد حين تمسّد وتربّت بيدها على أذنها يا ترى؟ وماذا تعلن حين تحرّك قدميها وكأنها تدير دوّاستي دراجة؟ أو حين تبسط يدها وتمدّ أصابعها باستقامة نحو الخارج؟ وماذا يقول ابن ستة الأشهر حين يقطّب جبينه ويمدّ لسانه نحو الخارج؟ أو حين تبدو عيناه جامدتين؟ أو عندما يقرّب ذقنه من صدره؟سيرشدك هذا الكتاب الشيق إلى تعلّم التقاط إشارات طفلك بسرعة، ودقة، وحميمية أكبر - بهدف أن توفّري أفضل أشكال الاستجابة للطفل. إذ ستتعلمين من خلال صور الأطفال، المتراوحة أعمالهم ما بين بضعة أيام وسنة واحدة، أمارات وإشارات المشاعر المختلفة كالفرح، والاهتمام، والدهشة، والحزن، والضجر، والغضب، والخوف، والاشمئزاز، والحذر، والخجل، والدلال، والثقة. وقد يفوتك فقه كنه بعض التلميحات أو قد تفسّرينها على نحو خاطئ. مثلاً، قد يكون التثاؤب دلالة على أن الطفل يشعر بالضغط والإرهاق وأنه يحاول تهدئة نفسه، وليس على أنه بحاجة إلى إغفاءة.وسوف يتضاءل عدد المواقف التي تشعرين فيها بالحيرة والإحباط لأنك تحاولين التجاوب مع رغبات طفلك دونما نجاح، حين تتعلمين هذه الإشارات والتلميحات. كما أنك تعملين على تنمية عواطف ومشاعر الطفل بشكل صحي وسليم عبر التغذية المرتدّة. فيتعلّم الطفل أساليب جديدة أكثر توازناً للتعاطي مع العالم الخارجي. بالإضافة إلى تمكّنك من تفادي الإفراط في حثّ طفلك أو دفعه إلى البكاء عن طريق تبيّن الإشارات الأولية المنذرة بتعكّر مزاجه. وهكذا تشجعينه على تمضية فترة أطول في حالة من الهدوء والتيقّظ، وهي الحالة المثلى لاكتساب الطفل معارف جديدة. وعن طريق هذا التواصل تبنين الأسس التي يقوم عليها النطق واللغة.والأهم من كل هذا أن تفهّمك لطفلك يجعله يشعر بأنه محطّ الاهتمام، وبأنه مقبول من الآخرين، بل ومحبوب كذلك. وهكذا فإن هذا الكتاب يساعدك على بناء روابط مع الطفل تدوم مدى الحياة.الدكتور سيرجي سانجر هو مؤسس ومدير مركز الرعاية المبكرة في مدينة نيويورك. ويُعدّ هذا المركز أول مؤسسة خاصة، في الولايات المتحدة الأميركية، تعنى حصرياً بالسلامة والصحة الاجتماعية والعاطفية للأطفال وعائلاتهم. الدكتور سانجر خريج كلية الطب في هارفرد، وخريج مركز التحليل النفسي في جامعة كولومبيا، وهو مؤلِّف الكتب التالية: "أنت وسنة طفلك الأولى" و"المرأة العاملة" و"الوالد المهتم".